جريمة اختلاس المنقولات المحجوزة في الكويت ان جريمة اختلاس المحجوزات المحجوز عليها بالطريق القضائي او بالطريق الاداري تعد في نظر قانون العقوبات كجريمة السرقة المنصوص عليها بمقتضى قانون العقوبات ، ويتصور وقوع فعل الاختلاس من مالك المحجوزات طالما كانت حيازته لها حيازة ناقصة بموجب الامر الاداري او القضائي بإجراء الحجز عليها.
ومن المستقر عليه فقهاً وقضاءً ان جريمة اختلاس المحجوزات من الجرائم الوقتية التي تثبت عند ارتكابها وتنتهي بمجرد ارتكاب فعل الاختلاس.
و على ذلك فان مدة سريان سقوط الدعوي يتم احتسابه من وقت وقوع فعل الاختلاس واكتشافه اذ يعد هذا التاريخ تاريخاً لارتكاب الجريمة ما دامت خلت الاوراق من ثمة دليل يفيد وقوها بتاريخ يسبقه ، وعلى المحكمة ان تحقق دفاع المتهم فيما يتعلق بسقوط الدعوي الجنائية اذا ما تمسك المتهم بحصول الاختلاس بتاريخ سابق على تاريخ اكتشاف واقعة الاختلاس .
ويترتب على عدم تحقيق المحكمة لدفاع المتهم بسقوط الدعوى على الرغم من جدية الدفع المستفاد من ظروف وقائع الدعوي ونوع الاموال المحجوز عليها اعتبار الحكم الصادر قاصراً في البيان مخلاً بحق الدفاع مستوجباً لنقضه ، اذ ان المحكمة ملزمة بمقتضى القانون اجراء تحقيقاً في هذا الدفع وصولاً لوجه لحق في الدعوي.
المقصود بجريمة اختلاس المحجوزات
تتحقق جريمة اختلاس المحجوزات بمجرد منع المحجوز عليه من اتخاذ اجراءات التنفيذ على المحجوزات وذلك بان يقوم بوضع العراقيل في طريق المختص بالتنفيذ ، ويستوي في ذلك ان يكون المختص قد اوقع الحجز على الاشياء المحجوز عليها بموجب قرار اداري او حكم قضائي ، وعلى ذلك اذا المتهم اتفق مع زوجته بإيقاع حجز صوري على الاشياء السابق الحجز عليها ومكنها بذلك من بيع المحجوزات المحجوز عليها لصالح الغير ليعيق بذلك تنفيذ اجراءات الحجز الخاصة بالغير على المحجوزات فانه بذلك يكون قد ارتكب جريمة اختلاس المحجوزات المعاقب عليه بمقتضى قانون العقوبات ولا يجدي بعد ذلك دفعه بوقوع البيع بمقتضى اجراءات الحجز التالية على الحجز الاول.
شروط توقيع العقوبة المقررة لجريمة اختلاس الأشياء المحجوزة
لقد اشترط القانون لتوقيع عقوبة اختلاس الاشياء المحجوز عليها ضرورة ان يكون المتهم على علم يقيني بيوم البيع والذي حدده مجرى الحجز ، ثم يقوم بعد ذلك بعدم تقديم الاشياء المحجوز عليها ، وعلي فاذا تبين للمحكمة ان المتهم لم يكن عالماً بموعد بيع المحجوزات على وجه اليقين وذلك من خلال ما يتضح لها من اوراق التنفيذ فان الجريمة لا يكون له ثمة وجود ، وعليه فاذا التفت الحكم عن تحقيق هذا الشرط كان مشوباً بالقصور مما يستوجب نقضه.
وتجدر الاشارة الي انه لا يشترط لإثبات جريمة اختلاس المحجوزات ان يحرر المختص محضراً يثبت فيه وقوع الاختلاس يوم حصول البيع ، بل يكتفي في ذلك ان تقتنع المحكمة كما هو الشأن في كافة الجرائم بارتكاب المتهم للجريمة من اي قرينة او دليل يفيد ارتكاب المتهم للجريمة ، وعلى ذلك فان خلو محضر التبديد من ذلك مكان المحجوزات لا يؤثر في الجريمة وفي نسبتها للمتهم ولا يؤثر باللزوم في الحكم وسلامته.
كما لا يلزم في جريمة اختلاس المحجوزات ثبوت الواقعة بمقتضى محضر يحرره المختص ، ويخضع في اثبات وقوع الجريمة للقواعد العامة ، اذ يجوز للقاضي ان يعتمد في اثبات ارتكاب الواقعة من قبل المتهم الماثل وجود قرينة او دليل يؤكد وقوعها ، فمتى ثبت للقاضي ذلك فانه لا يجوز بعد ذلك الرد على ما يبديه المتهم من دفوع تتعلق ببطلان محضر التبديد لعدم تحريره بمعرفة المختص ولانتفاء صفته في الاوراق كمأمور ضبط قضائي.
المراد المالك المعين حارسا على الأشياء المحجوزة
يلتزم المالك الذي تم تعينه بمقتضي امر اداري او حكم قضائي حارساً على المحجوزات بالحفاظ على المحجوزات وان يقدمها للمختص في موعد بيعها المحدد سلفا ، فاذا ما قام المالك ” الحارس ” بتعمد عدم تقديم المحجوزات في اليوم المحدد لبيعها كأن اخفاها او قام هو ببيعها قبل موعد البيع او تصرف فيها باي وجه من اوجه التصرفات ، فان ذلك يعد دليلاً على ارتكابه لجريمة الاختلاس المؤثمة قانونا وذلك لكونه تعمد اعاقة وعرقلة التنفيذ ومنعه .
وعليه فان جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة تتحقق بمجرد عدم تقديم المالك الحارس الأشياء المحجوز عليها والتي عين عليها حارساً يوم بيعها في ذات اليوم المحدد سلفاً للبيع ، طالما قصد من ذلك منع تنفيذ اجراءات البيع او عرقلتها ، وعلى ذلك فان تعمد غياب الحارس الحضور يوم البيع المحدد لبيع المحجوزات فان ذلك يعد قرينة ودليلاً على ارتكابه جريمة الاختلاس.
طالع أيضا: جنحة إتلاف مال الغير في الكويت
تبديد المحجوزات
ان ما يشترطه القانون لإيقاع عقوبة تبديد المحجوزات هو علم المتهم بشكل يقيني وحقيقي باليوم الذي تحدد لبيع المحجوزات ثم يعمد بعد ذلك الي عدم تقديم الاشياء المحجوزة ، وعلى ذلك فان المتهم يمكنه دفع الاتهام بإثبات عدم علمه بيوم البيع ويعد هذا الدفع من الدفوع الموضوعية الجوهرية التي تتعلق بالجريمة وذلك ينتفي عنصر الجريمة المتمثل في ركن العلم ، ويتعين على القاضي الرد علي هذا الدفع والا كان قضائه معيباً بالقصور.
أركان جريمة تبديد المحجوزات
ان تعيين المحجوز عليه حارساً على الاشياء المحجوزة ينتهي بانتهاء سببه كأن يتم بيع المحجوزات او ان تقضي المحكمة في دعوى الاسترداد بملكية المسترد للأشياء المحجوز عليها ، او ان يقضي القاضي بناء على طلب الحاجز او الحارس او المدين لأي سبب من الاسباب وطبقاً لنص المادة 515 من قانون المرافعات المدنية والتجارية.
الركن المادي في تبديد الحجوزات
لا يؤدي ملكية المتهم للمحجوزات او كونه مديناً للحاجز الي ثبوت قيامه بارتكاب جريمة التبديد سواء باشتراكه فيها بالاتفاق او المساعدة ، وعليه فاذا تم معاقبة المتهم استناداً الي ذلك كان قضاء القاضي قاصراً يوجب نقضه.
ولا يترتب على اجراء نقل المحجوزات من مكانها التي وقع فيها الحجز لأي سبب من الأسباب – حتى وان كان بموجب امر من المحكمة – فان ذلك لا يترتب عليه انتهاء الحراسة اذ تظل الحراسة قائمة ويقع على الحارس عبء ارشاد المختص عن مكان المحجوزات يوم البيع اذا كان غير قادر على احضارها الي مكان توقيع الحجز ، وتجدر الاشارة الي ان المختص لا يلزم بالبحث عن المحجوزات لكونه لا يتسع وقته لإجراء هذا البحث .
نقل الحارس المحجوزات
وتجدر الاشارة الي أن جريمة الاختلاس تتم حال قيام الحارس بنقل المحجوزات من مكان الذي وقع فيه الحجز اذا عمد عرقلة التنفيذ بحيث لا يمكن للمحضر توقيع البيع عليها لعدم وجودها، وعليه فان الحارس يعد مبدداً للأشياء المحجوزة اذا ما عمد من ذلك الي الاضرار بمصلحة الدائن وعدم احترامه لقرارات الحجز والسلطة التي اوقعته ، وعلى ذلك فاذا ما تبين للمحكمة ان المتهم قام بنقل الاشياء المحجوزة من المكان الذي اوقع فيه الحجز على المحجوزات لكون هذا الاجراء ينم على سوء نيته من كونه عمد الي عرقلة التنفيذ وعدم تمكين المختص من توقيع البيع على الاشياء المحجوزة ، وعلى ذلك فانه لا يمكن قبول الدفع حول عدم اخطار الدائن المحجوز لصالحه بيوم بيع المحجوزات ، لان الجريمة قد وقعت فعلاً بمجرد قيامه بنقل المحجوزات من مكانها.
إختلاس الأشياء المحجوزة جريمة وقتية
ان من المقرر في جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة انها من الجرئم الوقتية التي تقع وتنتهي بمجرد ارتكاب فعل الاختلاس ، وعلى ذلك فان مدة سقوط الدعوي يتم احتسابه من هذا الوقت ، ويكون تاريخ اكتشاف الاختلاس تاريخاً لارتكاب الجريمة ما دام لم تفصح الاوراق عن دليل يخالف ذلك كونها وقعت في تاريخ سابق على اكتشافها ، ونشير الي ان دفاع المتهم امام المحكمة بوقوع جريمة الاختلاس في تاريخ سابق على تاريخ اقامة الدعوي الجنائية يقتضي منها بحث هذا الدفع للوقوف على حقيقته ، فاذا ما ثبت لها صحة الدفع ترتب على ذلك سقوط الدعوي الجنائية.
توقيع الحجز استيفاء لدين او لصالح جهة يقتضى حتماً احترامه من الناحية القانونية ، ومن ثم تظل اثار الحجز منتجه لأثاره حتى وان شابه البطلان مادام لم يقضي بعض ببطلانه ، وعليه لا يمكن اعفاء الحارس من توقيع العقاب حال ارتكابه جريمة اختلاس الاشياء المحجوزة بمقولة بطلان الحجز لكونه غير مدين بالمبلغ محل الحجز او الحجز قد وقع مخالفاً وباطلاً للإجراءات القانونية المقررة بمقتضي القوانين ، اذ ان ذلك كله لا يبرر له عدم احترام الحجز وعرقلة السلطات المختصة في تنفيذ الحجز.
الاشتراك في جريمة تبديد المحجوزات
يتصور الاشتراك في جريمة اختلاس الاشياء المحجوزة اذا وقعت الجريمة بناء على اتفاق او مساعدة من الحارس والمحجوز عليه ، ومن ثم فان المالك يقع تحت طائلة العقاب اذا ما اشترك مع الحارس في تبديد الاشياء المحجوز عليها ، وتجدر الاشارة الي ان الطعن على عدم صحة الحراسة لا يمكن قبوله من مالك المحجوزات اذ ان الطعن قد تقرر للحارس وحده ، ويبقي المالك مسؤولاً بمقتضي نص المادة 280 عقوبات.
القصد الجنائي في جريمة تبديد المحجوزات
ان القصد الجنائي المقصود في جريمة تبديد الاشياء المحجوز عليها هو اتجاه ارادة المتهم الي تبديد الاشياء المحجوز عليها وذلك بان يعمد الي عدم تقديمها للمحضر في اليوم المقرر للبيع او اخفائها او عرقلة التنفيذ ، فاذا كان المتهم بجريمة اختلاس اشياء محجوزة قد تمسك في دفاعه بعدم علمه بيوم البيع بقاله ان مجري الحجز لم يعلنه بيوم البيع ، وكان البين من الحكم ان المحكمة قد استندت فيما استندت عليه في القضاء بالادانة ان المتهم قد ثبت علمه بيوم البيع من خلال ما ذكره المحضر في محضر التبديد من ان اجراءات البيع قد استوفت شرائطها القانونية ، فان المحكمة تكون قد اخطأت في ذلك اذ لم تحقق هذا الدفع وتقف على حقيقة ثبوت علم المتهم بيوم البيع وذلك من خلال الرجوع الي اوراق الحجز ومن ثم فان قضائها يكون مشوباً بالقصور الذي يعيبه ويستوجب نقضه ، اذ ان اللازم لإدانة الحارس بجريمة اختلاس اشياء محجوز عليها ان يكون عالماً علماً حقيقاً بموعد البيع فيعمد الي عدم تقديم الاشياء المحجوزة في ذلك اليوم مبدداً اياها.
الخاتمة
تتم جريمة اختلاس الأشياء المحجوزة بمجرد عدم تقديم هذه الاشياء ممن هي تحت حراسته وعهدته للمختص ببيعها في اليوم المحدد للبيع بغرض عرقلة التنفيذ عليها. حتى وان كانت الاشياء محل الحجز موجودة بذاتها في حيازة الحارس ولم يحصل فيها تصرف ، وعلى ذلك فان الحارس يعاقب بمقتضي القانون اذا ثبت للقاضي ان المتهم لم يقدم الاشياء المحجوز عليها للبيع على الرغم من سابقة علم بموعد البيع ، ولا ينفي ذلك الاتهام دفاع المتهم بكون الاشياء المحجوز عليها مازالت موجوده لديه ولم تبدد.
اذ ان من المقرر قانوناً أن جريمة تبديد الأشياء المحجوز عليها تقع وتتم بمجرد عدم تقديمها ممن في حراسته وعهدته إلى المحضر لبيعها في اليوم المحدد للبيع بغرض عرقلة التنفيذ اذ ان في الامتناع عن تقديمها ضرراً بالحاجز الدائن واخلال بما يقتضيه احترام اوامر السلطات واحكام القضاء ، ولا يعفي الحارس من العقاب بتهمة تبديد المحجوزات دفعه بعدم كونه مدين بالمبالغ محل الحجز او بوقوع بطلان في الاجراءات المتعلقة بتوقيع الحجز والبيع ، ولا يجيز له وجود بطلان اختلاس الاشياء المحجوز عليها ما دام لم يتم القضاء ببطلان الحجز واجراءاته بعد .
طالع أيضا: جنحة الضرب في الكويت