تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » المدونة القانونية » الامر بالا وجه نهائي في الكويت

الامر بالا وجه نهائي في الكويت

الامر بالا وجه نهائي في الكويت

لقد درجت كثير من التشريعات العربية والغربية على تقرير الجمع بين وظيفة الاتهام ووظيفة التحقيق في يد النيابة العامة ، فأصبحت النيابة العامة ذات اختصاص قضائي فيما يتعلق بإجراء التحقيقات في الجرائم وبات عضو النيابة العامة متمتعاً بما لقاضي التحقيق من سلطات ، ولعل الدافع لذلك هو أن الاختصاص الأصيل للنيابة العامة هو تحريك الدعوى الجنائية وإقامتها ومن ثم كان لها الحق في اجراء التحقيقات اللازمة للوقوف على مدى صحة نسبة الاتهام الي المتهم الخاضع للتحقيق وإجلاء حقيقة الاتهامات المنسوبة ، فإذا ما تبين لها من خلال ما أجرته من تحقيقات عدم صلاحية الأدلة أو عدم كفايتها لتحريك الدعوي الجنائية كان لها أن تقرر بالا وجه لإقامة الدعوي الجنائية ، أما إذا تبين لها صحة ما اسند الي المتهم كان لها أن تحرك الدعوي الجنائية أمام المحكمة المختصة بنظرها وفق القيود والأوصاف القانونية التي كيفت بها الواقعة محل التحقيق ، ولعل ما يجعل النيابة العامة تملك سلطة إحالة الدعوي الجنائية أو عدم إحالتها الي المحكمة الجنائية المختصة هو تطبيق القاعدة العامة القائلة بان من يكن مالكاً لسلطة التحقيق فانه يكون مالك لسلطة التصرف فيها. 

وترتيباً على ذلك فانه يقتضى حال التصرف في الدعوى الجنائية أن تكون الدعوي الجنائية تحت تصرف النيابة العامة أي في حوزتها وان تحققها تحقيقاً قضائيا للوقوف على مدى صحة الأدلة وكفايتها لإحالة الدعوي للمحاكمة الجنائية أو الأمر بالا وجه لإقامة الدعوي الجنائية. 

ولما كانت الدعوى الجنائية في مرحلة جمع الاستدلال عرضة الي وجود أخطاء كثيرة يقع فيها مأموري الضبط القضائي ، وكان من شأن ذلك عرض كثير من الدعاوي الجنائية على المحكمة بما يثقل كاهلها على الرغم من عدم كفاية الأدلة فيها أو عدم صحة الاتهام فيها على النحو الذي يكون مآلها الي البراءة وهو ما يقيد عمل القاضي ويرهقه ، لذا فان منح النيابة العامة حق التصرف في مثل هذه الدعاوي سواء بحفظها أو بصدور قراراً فيها بالا وجه لإقامة الدعوي فيها ، وعليه فإننا نسوق في هذه الدراسة مفهوم الأمر بالا وجه لإقامة الدعوى وأنواعه وأسبابه وأسباب إلغاؤه أو انقضاؤه. 

مفهوم الأمر بألا وجه لإقامة الدعوي الجنائية

يعرف الأمر بالا وجه بأنه الأمر القضائي الذي تصدره سلطة قضائية اختصت بالتحقيق في جريمة من الجرائم وانتهت فيها الي عدم جدوى إحالة الدعوي الي المحاكمة الجنائية وذلك لعدم كافية الأدلة أو عدم وجود دليل على نسبة الجريمة إلي المتهم .

 ونشير الي أن المادة 118 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي بدولة الإمارات نص على أن للنيابة العامة بعد ما تجريه من تحقيقات في جريمة بناء على محضر جمع الاستدلال بان تأمر بالإفراج عن المتهم أن كان محبوساً حبساً احتياطياً في الجريمة موضوع التحقيق وان تصدر قراراً بالا وجه لإقامة الدعوي الجنائية ، ولقد أشارت المادة الي انه يلزم في القرار الصادر بالا وجه لإقامة الدعوي فيما يتعلق بالجنايات أن يكون صادراً من رئيساً للنيابة العامة أو ممن يقوم مقامه ولا ينفذ هذا القرار ويكون حجة إلا بعد تصديق النائب العام عليه أو من يقوم مقامه.  

 وتجدر بنا الإشارة الي أن القانون اشترط في الأمر بالا وجه لإقامة الدعوي أن يكون متضمناً لاسم المتهم ولقبه ومحل ميلاده وعمره ومحل إقامته وحرفته وجنسيته ، وكذا يجب أن يتضمن الأمر الواقعة أو الجريمة التي كانت منسوبة الي المتهم وتكييفها القانوني والأسباب التي بني عليها الأمر ، وعلى النيابة العامة إعلان المدعي بالحقوق المدنية بالقرار الصادر بالا وجه لإقامة الدعوى الجنائية وفي حال وفاة المدعي بالحقوق المدنية يخطر ورثته على نحو مجمل دون إيراد لأسمائهم في الإعلان وذلك في آخر موطن معلوم لمورثهم. 

وتجدر الإشارة الي أن قانون الإجراءات المصري قد نص في مادته 209 في فقرتها الأولي على انه إذا ما تبين للنيابة العامة بعد ما أجرته من تحقيقات انه لا وجه لإقامة الدعوي الجنائية كان لها أن تصدر قراراً بالا وجه لإقامة الدعوى وإخلاء سبيل المتهم إذا كان محبوساً حبساً احتياطياً على ذمة تلك الدعوى ، وتجدر بنا الملاحظة الي أن المشرع المصري في شأن إصدار الأمر بالا وجه لإقامة الدعوى فيما يتعلق بالجنايات قد خالف المشرع الإماراتي إذ منح السلطة لإصداره لقاضي التحقيق أو المحام العام أو من يقوم مقامه .

طالع أيضا: نفقة الزوجية في القانون الكويتي

السلطة المختصة بإصداره

 إن من المستقر عليه قانوناً ووفقاً للقاعدة العامة القائلة بان من يملك سلطة التحقيق في الدعوي يملك سلطة التصرف فيها ، لذا فان النيابة العامة تختص بصدور الأمر بالا وجه لإقامة الدعوى باعتبارها مختصة بالأساس بإجراء التحقيق في الدعوي الجنائية ، ومن ثم كان لها سلطة التصرف في الدعوى الجنائية بناء على ما يتبين لها من تحقيقات تؤهل الي صدور قرار بالا وجه لإقامة الدعوى ونشير الي أن النيابة العامة ملزمة وفقاً للقانون بتسبيب قرارها.

 ونشير الي أن المشرع الإماراتي اشترط أن يصدر الأمر بالا وجه لإقامة الدعوي الجنائية فيما يتعلق بالجنايات من رئيس نيابة أو ممن يقوم مقامه ومن ثم فان عضو النيابة العامة لا يمكنه إصدار هذا الأمر على الرغم من قيامه بالتحقيق في الدعوى إذ يجب عليه أن يرفع هذا الأمر الي رئيس النيابة أو من يقوم مقامه بمذكرة  للتفضل بالنظر والرأي فيما انتهى إليه من تحقيقات .

وتجدر بنا الإشارة الي أن المشرع الإماراتي أكد على ذلك في نص المادة 118 من قانون الإجراءات الاتحادي حيث نص على انه يحق للنيابة العامة بعد أن تجري تحقيقاً في واقعة معروضة عليها أن تصدر أمرها بالا وجه لإقامة الدعوى مع ضرورة الإفراج عن المتهم أن لم يكن قد تم حبسه على ذمة قضايا آخر أو لسبب آخر. 

كما نصت على  انه في حال التحقيق في الجنايات يجب أن يصدر القرار بالا وجه لإقامة الدعوى الجنائية من رئيس نيابة على الأقل ولا يكون القرار نافذاً إلا إذا تم المصادقة عليه من النائب العام ، ويجب أن يشتمل القرار على اسم المتهم ولقبه وعمره ومحل ميلاده وإقامته وحرفته وجنسيته وبيان الواقعة محل القرار وتكييفها القانوني والأسباب التي استند إليها في قراره ، ويجب أن يعلن القرار إلى المدعي بالحقوق المدنية أو ورثته بشكل مجمل وفي آخر موطن كان معلوماً لمورثهم. 

أنواع الأمر بألا وجه لإقامة الدعوي

  • أولاً : الأمر الصريح 

       إن القاعدة الأساسية فيما يتعلق بالقرارات القضائية هو صدورها بشكل صريح ومن ثم فان الأمر بالا وجه يصدر على نحو صريح دون أن يشترط المشرع صدوره في شكل معين أو صيغة معينة ، إذ يحق للمحقق إصداره بالصيغة التي يترائ لها ما كانت دلالاتها معبرة عن إرادته في عدم إقامة الدعوى الجنائية.  

 ومن ثم فان الأمر بالا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لا يمكن أن يستفاد من تأشير عضو النيابة العامة على أوراق التحقيق بارفقاها في أوراق دعوى أخرى تم حفظها مادام خلت الأوراق مما يفيد بصورة واضحة وصريحة  على عدم إقامة الدعوي الجنائية وانه لا وجه لإقامتها ، كما أن قيام المحقق بتحرير مذكرة بالرأي يقترح فيها ألا وجه للسير في الدعوى الجنائية وإقامتها والاكتفاء بتوقيع الجزاء الإداري ، كما أن قيام ويكل النيابة بالتأشير على محضر جمع الاستدلال بقيده برقم عوارض لا يمكن أن يستفاد منه انه أمراً بالا وجه لإقامة الدعوي ، باعتبار أن هذه التأشيرة لا يمكن أن يترتب عليها بمقتضى اللزوم العقلي انصراف نتيه عن السير في الدعوى إذ من الممكن تحقيقها وإحالتها الي المحكمة الجنائية من جديد. 

  • ثانياً : الأمر الضمني 

         على الرغم من أن الأصل في صدور القرار بالأمر بالا وجه لإقامة الدعوى الجنائية أن يصدر بصورة صريحة ، إلا انه قد يصدر الأمر بشكل ضمني بحيث يمكن استنتاجه من خلال تصرف المحقق في الدعوى بعد تحقيقها فقيام المحقق باتهام المجني عليه في واقعة اتهامه لشخص آخر بسرقته بالبلاغ الكاذب يفيد على يقيني بأنه قد انتهي في الدعوى الجنائية المتعلقة بالسرقة الي عدم جدوى إقامة الدعوي الجنائية عنها ، كما يستفاد قرار الأمر بالا وجه من خلال تصرف عضو النيابة في الأوراق بقيدها ضد متهم آخر غير المتهم الذي تم اتهامه في بداية الأمر وذلك بعد ما تبين له من التحقيقات انه لم يكن ضالعاً في ارتكاب الجريمة محل التحقيق وان المتهم الآخر هو المرتكب لها.

 ونشير الي انه لما كان من الممكن أن يستفاد الأمر بالا وجه لإقامة الدعوى  إلا انه لا يمكن افتراضه على النحو الذي يخالف المنطق العقلي ، لذا قضى بأنه لما كان الثابت من أوراق الدعوى ومفرداتها المضمومة أن النيابة العامة حينما وجهت اتهامها وأقامت دعواها ضد أربعة غير المطعون ضده لارتكابهم الجريمة دون أن يرد لها ذكر في أوراق الدعوي سوى ما كان منها حال طلبه دون اجراء تحقيق معه وسؤاله فان ما قامت النيابة العامة به لا يمكن أن يتضمن أمراً ضمنياً بالا وجه لإقامة الدعوي الجنائية  ومن ثم فانه يجوز تحريك الدعوي بالطريق المباشر للدعوي الجنائية.

طالع أيضا: محامي قضايا السرقة في الكويت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *